الأهلي خرج من كأس الكونفيدرالية الإفريقية. لا أخفي سرا إذا قلت إن
الخروج كان متوقعا. لأن حالة الأهلي في بطولة دوري الأبطال كانت متردية.
وحالته في الدوري المحلي كانت سيئة وأنقذ نفسه في اخر لحظة حتي لا يفقد كل
الألقاب التي كان يحملها من الموسم الماضي.
والخروج كان متوقعا.. لأن حالة اللاعبين ومستواهم في تراجع بدني سريع
بسبب الارهاق. فاللاعب ليس ماكينة. حتي "الميكنة" تحتاج للراحة والتنظيف
والصيانة.. فما بالكم باللاعبين.
وقد أتفق واختلف في الرأي حول خروج الأهلي أمام فريق سانتوس
الأنجولي.. فإذا أردنا أن نريح أعصابنا ونهديء الأهلوية.. سنقول "رب ضارة
نافعة"..!! لأن خروج الأهلي كله منافع. حث سيحصل اللاعبون علي راحة سلبية
لم يحصلوا عليها منذ ثلاث سنوات..!!
ستهدأ الماكينات التي هي لحم ودم.. وربما يكون ذلك سببا في استعادة
الفريق لرونقه الجميل. وأدائه القوي ونتائجه المفرحة كما كان في العامين
الماضيين.. هذا هو الكلام المريح لتهدئة الأعصاب.. ولكن ماذا عن حقيقة
الهزيمة وأسبابها ونوعيتها؟!
من حيث نوعية الهزيمة.. فهي فضحة بجلاجل!! وأسبابها كثيرة ومخجلة.
ولا تصدقوا من يقول إن الفريق لم يكن جدا. إلا إذا عرفنا لماذا لم يكن
جيدا؟!!
فجوزيه أشدنا به كثيرا من قبل. وساهم مع اللاعبين والإدارة في صناعة
جزء من تاريخ الأهلي والكرة في مصر.. ولكن ماذا تغير في جوزيه.. ليتغير
الأهلي فجأة وفي آخر مشوار الرجل من الأبيض.. إلي الأسود؟!!
.. جوزيه تغير وتغيرت نظرته للأهلي عندما تغير مساره من القاهرة إلي
لواندا سافر الرجل ولم ينظر خلفه ليتأكد أن الأهلي هو الذي صنعه وصنع منه
نجما حصل علي وسام من أعلي الطبقات في بلده. ولم يحصل علي الوسام لشيء
صنعه في البرتغال!!
جوزيه سافر ونسي كل شيء. لم ينظر خلفه ليشاهد ملايين الأهلوية.. وهم
يصفقون له وصنعوا منه تمثالا للبطولة. اعتبروه رمزا للألقاب وعنوانا
للقمة.. غنوا له كثييرا. حملوه علي الأعناق. لكن الرجل نظر إلي الأمام
فقط.. إلي أنجولا ومنتخبها الذي هو المرحلة الجديدة.. ولم ينظر إلي الخلف
ليأخذ درسا يتعلم منه للمستقبل.
قد يقول البعض وماذا فعل جوزيه إذا كان الفريق مرهقا مريضا يحتاج للعلاج؟!
أقول لهم:
ومن هو الطبيب الذي يعالج الحصبة الحمراء طوال خمس سنوات سوي جوزيه؟!!
ولماذا لم يمد الطبيب الذي أنقذ حياة البطل دائما في كل المعارك ومن
كل الأمراض.. لماذا لم يمد يده مبكرا ويعالج الارهاق والتعب ويجدد شباب
الفريق؟!
لكن الأهم من ذلك.. سير المباراة وما سبقها من أحداث لا يعرفها أحد في القاهرة!!
* جوزيه بمجرد نزوله أرض مطار لواندا عاصمة أنجولا بدأ يفكر في
مستقبله الشخصي.. وكيف يكسب عطف جماهير أنجولا.. لأنه بالنسبة لهم نجم
جماهيري أو مطرب النجوم أو صانع المشاهير في القارة.
الرجل وجد استقبالا هناك أنساه كل شيء وبدأ بطريقته المعروفة في
التعامل مع الجمهور يمسك بفانلته أو علم البلد ويقبله ويضع يديه فوق
رأسه.. ويقدم الشكر.. "كهن" برتغالي. وتمثيل محترفين!!
.. فعل ذلك مع جماهير الأهلي.. وكسب ثقة رابطة الشباب وكانت
اجتماعاته معهم في المقهي الأهلاوي الشهير بالمهندسين هؤلاء أعطوا الرجل
كل شيء وساعدوه ودعموه حتي في أحلك المواقف ضد الإعلام والصحفين والقنوات
المختلفة.
وهنا يجب أن نشيد برابطة الأهلي التي تدعم كل من يساند ويحقق بطولة للنادي.. ولكن ماذا حدث؟!!
جوزيه ترك الأهلي وجماهيره ورابطته خلف ظهره.. وبحث عن نفس العناصر
البديلة في أنجولا.. لذلك تفرغ تماما للإعلام الأنجولي ليل نهار منذ وصوله
إلي لواندا. وهات يا أحاديث بطريقته المعروفة ووعوده البراقة.. فلم يركز
مع الأهلي في التدريب أو التشكيل أو التغيير أو حتي الروح ولو ب "التمثيل"
أثناء المباراة.
جوزيه كان مسترخيا أثناء المباراة.. وكأن الفوز مضمون في جيبه.
جوزيه بعد كل هدف لم يهتز. لم يقف. لم يعترض كما عودنا علي الحكام ولم
يوجه لاعبيه الذين ظهروا جميعا دون المستوي ولم يحتد عليهم كما عودنا!!
هل الرجل كان سعيدا من داخله؟!
هل الرجل قرر أن يلعب الفريق بشكل دفاعي للحفاظ علي مرماه والنتيجة السابقة؟!
هل جوزيه اتفق علي اهدار دم الأهلي؟!
هل جوزيه باع 19 بطولة.. واشتري منتخب أنجولا.. بالمشاركة مع فلافيو وجيلبرتو؟!!
* الواضح أن فلافيو وجيلبرتو هما حلقة الاتصال ما بين جوزيه والمنتخب
الأنجولي. فاللغة واحدة والرجل يحب الاثنين لأقصي درجة.. فكان خط الاتصال
دائما ومستمرا من خلالهما حتي تم توقيع العقد.
وأنجولا صنعت لجوزيه "البحر طحينة" ووضعت الإعلام تحت أمره.. وهو رجل يجيد صناعة "الفرشة" الإعلامية عندما يريد.
هل كل هذا هو سبب هزيمة الأهلي؟! فكروا فيها جيدا!! أنا أضع المعطيات أمام القاريء فقط.
أما فلافيو وجيلبرتو فقدما أسوأ مباراة لهما مع الأهلي.
فلافيو أنهي مشواره مع الأهلي مثلما بدأه تماما.. فالبداية كانت سيئة
حصل خلالها علي الفرصة لمدة سنة ونصف حتي يقف علي قدميه والفضل لجوزيه..
ثم جاء لينهي مشواره بنفس أسلوب بدايته وكأنه يقول.. أنا لعبت الأهلي في
بلدي.. ولبلدي.. فأهدر ضربة جزاء وكان يتمخطر في الملعب مع بلدياته
جيلبرتو وكأنهما يريدان صعود سانتوس الأنجولي وتحقق لهما ما أرادا!!
علي العموم.. الثلاثي.. برتغالي اللغة.. جوزيه وجيلبرتو وفلافيو
باعوا الأهلي ولو كانت المباراة في بلد آخر ما اتهمناهم. ولكن كل المعطيات
تؤكد أن فلافيو كان يتقدم لضربة الجزاء وهو متردد وكأنه يسأل نفسه.. كيف
أضعها؟! ولماذا اسجلها وأنا تركت الأهلي نهائيا؟!
لنعتبر الأهلي فائزا في تلك المباراة لأن اللاعبين سيحصلون علي
الراحة الكاملة وسيبدأون الاستعداد الجيد بهدوء أعصاب للموسم الجديد مع
مدرب جديد وإن كنت ألومهم أيضا علي العرض الضعيف الذي لم يقدم خلاله كل
لاعب ما يستحق الإشادة!!
لكن بالمناسبة لابد أن نقارن ما بين جوزيه الذي يملك في الأهلي كل شيء.. وأنور سلامة مدرب إنبي أو طارق العشري مدرب الحدود..
جوزيه عبر لقاء الذهاب بالفوز في القاهرة بثلاثة أهداف نظيفة. وأصبح
مؤهلا بنسبة 99% لدور الثمانية.. بينما أنور سلامة تعادل 2/2 مع أسيك
الإيفواري وهو من الفرق القوية وتمكن من عبور اللقاء الثاني بالقاهرة
وصعد.
نفس الحال للحدود الذي تعادل في ليبيا وكان خروجه قريبا لكنه حول هزيمته إلي فوز في القاهرة وعبر لدور الثمانية.
أي أن الأهلي الذي كان شبه مؤهل.. فشل بخسارة هي الأقرب للفضيحة بفعل
فاعل في أنجولا التي تعاقد فيها جوزيه.. وأنتهي فيها عقد فلافيو.. بينما
إنبي والحدود تخطيا كل العقبات وحولا الهزيمة إلي فوز وصعدا لدور
الثمانية!!
ما حدث درس للمدربين. وأعتقد أن الأهلي لابد أن يبحث أسباب ما حدث.
هل الإعلان عن تعاقد فلافيو في السعودية شتت اللاعبين أم أن جوزيه باع القضية وفلافيو اشتري بلده والأهلي دفع الثمن؟!